ألب ولد معلوم
بالنهاية الناجحة للمرحلة الانتقالية التي أرست أسس نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد وسنّت مبدأ التشاور والتعاون بين السلطة والأحزاب، تكون الحياة السياسية الموريتانية مقدمة علي مرحلة مفتوحة علي أكثر من احتمال فإما المضي باتجاه المزيد من الاصلاحات أو الحفاظ علي ما تحقق من مكاسب واما (لا قدر الله) العودة الي المربع الأول.
وفي هذه المحاولة السريعة لقراءة مستقبل الحياة السياسية في بلادنا خلال الفترة القادمة سننطلق من فرضيتين:
الأولي:
تقوم علي مبدأ استمرار التشاور والتعاون بين السلطة ومن هم خارجها وما يعزز هذه الفرضية أن الاصلاحات التي قيم بها أثناء الفترة الانتقالية وسنة التشاور التي طبقها المجلس العسكري للعـــدالة والديمقراطية قد تصبح تقليدا سياسيا في موريـــــتانيا ما يضمن الاستقرار ويمكن بقية الأحزاب من ممارسة دورها في الحياة السياسية بفاعلية أكبر وبالتالي الحفاظ علي الديمقراطية الوليدة.
كما أن المصادقة المتوقعة علي مشروع قانون المعارضة يعطي بلا شك دفعة قوية باتجاه المزيد من الشراكة والتعاون ومعروف أن مشروع قانون المعارضة يعترف صراحة بالدور الايجابي للمعارضة ويمنحها الكثير من الامتيازات. من جانب آخر فان نتائج الانتخابات الرئاسية التي حسمت في الشوط الثاني لصالح المرشح المستقل سيدي ولد الشيخ عبد الله في مواجهة زعيم حزب تكتل القوي الديمقراطية أحمد ولد داداه بينت مدي الانقسام الشعبي الواضح بين المرشحين كما ترشد اليه النسب (52% في مقابل 47%).
ان هذه النتيجة قد تدفع نحو تحقيق هذه الفرضية خصوصا اذا ما أضفنا لها تصريح الرئيس المنتخب بشأن استعداده لتشكيل حكومة وحدة وطنية وهو ما يعد ترجمة لما كان يعبر عنه قبل انتخابه من حرص علي أكبر قدر من الاجماع الوطني. ان ما سبق يشجع علي القول ان الحياة السياسية في موريتانيا مقدمة علي فترة لا تختلف عن أجواء الفترة الانتقالية لجهة التعاون والمشاركة ألايجابية بين مختلف الأطراف ان لم تكن هي الأفضل وذلك ما يعزز دعائم الديمقراطية الجديدة في البلاد.
الثانيـة:
وأساس هذه الفرضية التنافر والقطيعة بين السلطة ومن هم خارجها. فعلي عكس الفرضية الأولي التي تتسم بالتفاؤل فان الثانية تنطلق من استحالة التعاون بين السلطة الجديدة والقوي السياسية خارجها ويعود الأمر الي التناقض الشديد بين قوي حزبية تدعو الي القطيعة التامة مع الماضي وترفع شعار التغيير وأخري تري في ذلك استهدافا مباشرا لها سيما وأن هذه الأخيرة كانت الداعم القوي للرئيس الجديد.
ولا شك أن هذه الفرضية تجسد حتمية ظهور ثنائية المعارضة والموالاة من جديد علي مسرح الحياة السياسية الموريتانية وبالنتيجة عودة السجالات السياسية والصراع الذي قد يتسبب في نسف ما تحقق من مكاسب علي طريق الديمقراطـــــية، ويبدو واقع البرلمان الذي تسيطر عليه كل من كتلة الميثاق وائتلاف قوي التغيير وكأنه يصب في صالح هذا المنحي.
ان هذا الوضع في اعتقادي كفيل بجعل الاستقرار وقدرة الرئيس المنتخب علي الوفاء بالتزاماته في غاية الصعوبة. اذ ان كلا من الفرضيتين واردة ولها مؤيداتها كما بيَّنا، ولكني أميل الي الاعتقاد أن السيناريو الأول أكثر احتمالاً من غيره ذلك أنه وان كان صحيحا أن الرئيس الجديد كان مدعوما بقوة من طرف كتلة الميثاق وهو ما مكنه من التأهل للشوط الثاني، الا أن ما ضمن له الفوز في النهاية هو دعم حزب التحالف الشعبي التقدمي بقيادة مسعود ولد بلخير (من أحزاب المعارضة السابقة).
واذا ما تسلم ولد بلخير منصب الوزير الأول كما تشير بعض التوقعات فان ذلك ينفي بشكل قاطع امكانية عودة الحياة السياسية الي ما كانت عليه قبل التغيير (منطق الثنائية المعروفة).
من جهة أخري فان الرئيس الجديد المستقل الذي يرفع شعار التغيير الــــهادئ والمسؤول يبدو وكأنه بمثابة نقطة الوسط بين الطرفين.
كما أن الملفات الشائكة التي رحلت الي ما بعد الانتخابات نتيجة تعقيدها رغم الأجواء الايجابية التي طبعت الفترة الانتقالية تجعل فرضية استمرار التعاون والمشاركة مرجحة أكثر من غيرها، فالتعامل مع تلك الملفات وفي مقدمتها ملف المبعدين تتطلب برأيي قدراً من الاجماع والتعاون من كافة الأطراف.
وهكذا نصل الي نتيجة مفادها أن الفترة المقبلة لا تحمل في أقل تقدير أي مخاطر علي ما تحقق من مكاسب.
ہ كلية العلوم السياسية ـ جامعة دمشق
بالنهاية الناجحة للمرحلة الانتقالية التي أرست أسس نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد وسنّت مبدأ التشاور والتعاون بين السلطة والأحزاب، تكون الحياة السياسية الموريتانية مقدمة علي مرحلة مفتوحة علي أكثر من احتمال فإما المضي باتجاه المزيد من الاصلاحات أو الحفاظ علي ما تحقق من مكاسب واما (لا قدر الله) العودة الي المربع الأول.
وفي هذه المحاولة السريعة لقراءة مستقبل الحياة السياسية في بلادنا خلال الفترة القادمة سننطلق من فرضيتين:
الأولي:
تقوم علي مبدأ استمرار التشاور والتعاون بين السلطة ومن هم خارجها وما يعزز هذه الفرضية أن الاصلاحات التي قيم بها أثناء الفترة الانتقالية وسنة التشاور التي طبقها المجلس العسكري للعـــدالة والديمقراطية قد تصبح تقليدا سياسيا في موريـــــتانيا ما يضمن الاستقرار ويمكن بقية الأحزاب من ممارسة دورها في الحياة السياسية بفاعلية أكبر وبالتالي الحفاظ علي الديمقراطية الوليدة.
كما أن المصادقة المتوقعة علي مشروع قانون المعارضة يعطي بلا شك دفعة قوية باتجاه المزيد من الشراكة والتعاون ومعروف أن مشروع قانون المعارضة يعترف صراحة بالدور الايجابي للمعارضة ويمنحها الكثير من الامتيازات. من جانب آخر فان نتائج الانتخابات الرئاسية التي حسمت في الشوط الثاني لصالح المرشح المستقل سيدي ولد الشيخ عبد الله في مواجهة زعيم حزب تكتل القوي الديمقراطية أحمد ولد داداه بينت مدي الانقسام الشعبي الواضح بين المرشحين كما ترشد اليه النسب (52% في مقابل 47%).
ان هذه النتيجة قد تدفع نحو تحقيق هذه الفرضية خصوصا اذا ما أضفنا لها تصريح الرئيس المنتخب بشأن استعداده لتشكيل حكومة وحدة وطنية وهو ما يعد ترجمة لما كان يعبر عنه قبل انتخابه من حرص علي أكبر قدر من الاجماع الوطني. ان ما سبق يشجع علي القول ان الحياة السياسية في موريتانيا مقدمة علي فترة لا تختلف عن أجواء الفترة الانتقالية لجهة التعاون والمشاركة ألايجابية بين مختلف الأطراف ان لم تكن هي الأفضل وذلك ما يعزز دعائم الديمقراطية الجديدة في البلاد.
الثانيـة:
وأساس هذه الفرضية التنافر والقطيعة بين السلطة ومن هم خارجها. فعلي عكس الفرضية الأولي التي تتسم بالتفاؤل فان الثانية تنطلق من استحالة التعاون بين السلطة الجديدة والقوي السياسية خارجها ويعود الأمر الي التناقض الشديد بين قوي حزبية تدعو الي القطيعة التامة مع الماضي وترفع شعار التغيير وأخري تري في ذلك استهدافا مباشرا لها سيما وأن هذه الأخيرة كانت الداعم القوي للرئيس الجديد.
ولا شك أن هذه الفرضية تجسد حتمية ظهور ثنائية المعارضة والموالاة من جديد علي مسرح الحياة السياسية الموريتانية وبالنتيجة عودة السجالات السياسية والصراع الذي قد يتسبب في نسف ما تحقق من مكاسب علي طريق الديمقراطـــــية، ويبدو واقع البرلمان الذي تسيطر عليه كل من كتلة الميثاق وائتلاف قوي التغيير وكأنه يصب في صالح هذا المنحي.
ان هذا الوضع في اعتقادي كفيل بجعل الاستقرار وقدرة الرئيس المنتخب علي الوفاء بالتزاماته في غاية الصعوبة. اذ ان كلا من الفرضيتين واردة ولها مؤيداتها كما بيَّنا، ولكني أميل الي الاعتقاد أن السيناريو الأول أكثر احتمالاً من غيره ذلك أنه وان كان صحيحا أن الرئيس الجديد كان مدعوما بقوة من طرف كتلة الميثاق وهو ما مكنه من التأهل للشوط الثاني، الا أن ما ضمن له الفوز في النهاية هو دعم حزب التحالف الشعبي التقدمي بقيادة مسعود ولد بلخير (من أحزاب المعارضة السابقة).
واذا ما تسلم ولد بلخير منصب الوزير الأول كما تشير بعض التوقعات فان ذلك ينفي بشكل قاطع امكانية عودة الحياة السياسية الي ما كانت عليه قبل التغيير (منطق الثنائية المعروفة).
من جهة أخري فان الرئيس الجديد المستقل الذي يرفع شعار التغيير الــــهادئ والمسؤول يبدو وكأنه بمثابة نقطة الوسط بين الطرفين.
كما أن الملفات الشائكة التي رحلت الي ما بعد الانتخابات نتيجة تعقيدها رغم الأجواء الايجابية التي طبعت الفترة الانتقالية تجعل فرضية استمرار التعاون والمشاركة مرجحة أكثر من غيرها، فالتعامل مع تلك الملفات وفي مقدمتها ملف المبعدين تتطلب برأيي قدراً من الاجماع والتعاون من كافة الأطراف.
وهكذا نصل الي نتيجة مفادها أن الفترة المقبلة لا تحمل في أقل تقدير أي مخاطر علي ما تحقق من مكاسب.
ہ كلية العلوم السياسية ـ جامعة دمشق