حمد ولد المامون
بعد
تنصيب رئيس الجمهورية الجديد وتعيين وزيره الأول، بدأ الرأي العام يفقد
صبره لمعرفة تشكيلة الحكومة التي سيقع عليها خيار سيدي ولد الشيخ عبد الله
والزين ولد زيدان. تلك الحكومة التي يتنظر منها أن تشرع في الإصلاحات
الضرورية وفي تسوية المسائل العالقة التي تركتها لها السلطات الانتقالية.
وفضلا عن هذه الملفات التي وجدت قبل الثالث أغسطس 2005، سيكون على سيدي
ولد الشيخ عبد الله ومعاونوه المقبلون أن يعكفوا أولا على ملفات المرحلة
الانتقالية نفسها.
هذه الفترة التي لم يكن التسيير العام فيها
واضحا حسب أكثر من مراقب الأمر الذي بات من الضروري معه القيام بتدقيق في
الإدارة العمومية وبنفس الروح فرض إعلان للممتلكات على المسؤولين الجدد.
ذلك
أنه إذا كانت العملية الانتقالية حققت نجاحا أكيدا على الصعيد السياسي
فإنها شكلت فشلا كارثيا على صعيد التسيير العمومي: فالفريق الحكومي
المنصرف كما يقول أحدهم، يعتبر أن المرحلة الانتقالية تجعل كل واحد من هذا
الفريق خارج دائرة المساءلة بل إنها فترة من التسيب تسمح بكل شيء، وبعد
أيام على استقالة الحكومة اتفقت اللجان الوزارية المكلفة بالعملية
الانتقالية على تقييم الجهود الذي قامت به خلال الأشهر التسعة عشر
باعتباره إسهاما لا يقدر بثمن. وتم إنشاء لجنة مشتركة لتقييم المكافأة
والتقدير الواجب منحهما للوزراء واللجان الفنية التي ساهمت في إعداد ورشات
المرحلة الانتقالية. وبما أن التقدير الرمزي تم الحصول عليه، فإن المطروح
الآن هو المكافآت المادية لهؤلاء وأولئك وهي مكافآت حسب قانوني عضو في
إحدى لجان التقييم، ليست بحجم "العمل العظيم" الذي تم إنجازه فحسب، وإنما
أيضا لتعويض عن حرمان الوزراء من المشاركة في الوظائف الانتخابية وهذا ما
سيزيد من قيمة التعويض الممنوح لكل وزير.
وقد تم الحديث عن مبلغ 30
مليون أوقية لكل عضو في الحكومة الانتقالية، زيادة على التوشيحات
التقديرية. أما الأعضاء الآخرون في اللجان الفنية يقال إن المكافأة تتراوح
بيم 7 و10 ملايين أوقية وهو ما يعني أنه –بكل الحسابات- سيكون على الدولة
الموريتانية دفع مليار من الأوقية، وقد بدأ التفكير بالفعل في صياغة شهادة
براءة سيوقعها رئيس الجمهورية المنتخب وينتظر أن تبرئ ذمة كل الفريق
الحكومي الانتقالي، وعلى غرار محو ماضي معاوية من قبل قادة المرحلة
الانتقالية لدى وصولهم إلى السلطة سيتصرف الرئيس الجديد بالطريقة ذاتها مع
سلطات المرحلة الانتقالية. وهكذا سيستفيد –بدوره- من مبدإ "عفا الله عما
سلف" من قبل خليفته حين يغادر السلطة، ليكون هذا المبدأ تقليدا عند كل
تغيير في السلطة في بلادنا.
وإذا كان توديع الحكومة المدنية الانتقالية يكلف كل هذه الأموال فكم يكلف توديع أعضاء المجلس العسكري؟.
ودائما
في إطار صفقات اللحظة الأخيرة جاءت جملة من الإجراءات المتعلقة بتعيينات
واسعة في المجال الدبلوماسي لتثقل كاهل الدولة وتخلق مصدر ورطة حقيقي
لقطاع المالية الذي كان يفترض أن يشرك في هذا النوع من الاكتتاب.
هذه
اللوحة السوداء تنضاف لوضعية غير مريحة تعاني منها الموازنة العامة
للدولة.. نفقات ضخمة أحيانا لتغطية رحلات الرئيس وأحيانا لتسديد متأخرات
وهمية لرجال أعمال متواطئين مع موظفين جشعين، دون أن ننسى الخسارة التي
نجمت عن رداءة أداء شركة النفط الاسترالية "وود سايد" التي ظل إنتاجها أقل
بكثير من التوقعات الأصلية. كل هذا يعيد إلى الأذهان المقولة المأثورة:
"أنا ومن بعدي الطوفان" طوفان يهدد بجرف سادة البلاد الجدد إلى وضعية
اقتصادية واجتماعية يصعب تجاوزها.
رغم ذلك يراهن بعض المراقبين على
صرامة سيدي ولد الشيخ عبد الله ويثيرون عدم قبوله أية شهادة براءة يمكن أن
تضمن عدم عقاب المتورطين في سوء تسيير الممتلكات العامة لأنه بذلك في
رأيهم يعرض حكومته لتركة من المخاطر من جهة ويوجه ضربة قوية لسمعته الطيبة
من جهة أخرى.
ألا يجعلنا قادة المرحلة الانتقالية اليوم، نعيش تجسيدا حيا لمثلنا الشعبي المتداول بشكل واسع: "لتنهار البئر عندما يرتوي الحمار"؟
وإذا كان توديع الحكومة المدنية الانتقالية يكلف كل هذه الأموال فكم يكلف توديع أعضاء المجلس العسكري؟.
ودائما
في إطار صفقات اللحظة الأخيرة جاءت جملة من الإجراءات المتعلقة بتعيينات
واسعة في المجال الدبلوماسي لتثقل كاهل الدولة وتخلق مصدر ورطة حقيقي
لقطاع المالية الذي كان يفترض أن يشرك في هذا النوع من الاكتتاب.
هذه
اللوحة السوداء تنضاف لوضعية غير مريحة تعاني منها الموازنة العامة
للدولة.. نفقات ضخمة أحيانا لتغطية رحلات الرئيس وأحيانا لتسديد متأخرات
وهمية لرجال أعمال متواطئين مع موظفين جشعين، دون أن ننسى الخسارة التي
نجمت عن رداءة أداء شركة النفط الاسترالية "وود سايد" التي ظل إنتاجها أقل
بكثير من التوقعات الأصلية. كل هذا يعيد إلى الأذهان المقولة المأثورة:
"أنا ومن بعدي الطوفان"، طوفان يهدد بجرف سادة البلاد الجدد إلى وضعية
اقتصادية واجتماعية يصعب تجاوزها.
رغم ذلك يراهن بعض المراقبين على
صرامة سيدي ولد الشيخ عبد الله ويثيرون عدم قبوله أية شهادة براءة يمكن أن
تضمن عدم عقاب المتورطين في سوء تسيير الممتلكات العامة لأنه بذلك في
رأيهم يعرض حكومته لتركة من المخاطر من جهة ويوجه ضربة قوية لسمعته الطيبة
من جهة أخرى.
ألا يجعلنا قادة المرحلة الانتقالية اليوم، نعيش تجسيدا حيا لمثلنا الشعبي المتداول بشكل واسع: "لتنهار البئر عندما يرتوي الحمار"؟
احمد ولد المامون
صحفي بجريدة القلم
بعد
تنصيب رئيس الجمهورية الجديد وتعيين وزيره الأول، بدأ الرأي العام يفقد
صبره لمعرفة تشكيلة الحكومة التي سيقع عليها خيار سيدي ولد الشيخ عبد الله
والزين ولد زيدان. تلك الحكومة التي يتنظر منها أن تشرع في الإصلاحات
الضرورية وفي تسوية المسائل العالقة التي تركتها لها السلطات الانتقالية.
وفضلا عن هذه الملفات التي وجدت قبل الثالث أغسطس 2005، سيكون على سيدي
ولد الشيخ عبد الله ومعاونوه المقبلون أن يعكفوا أولا على ملفات المرحلة
الانتقالية نفسها.
هذه الفترة التي لم يكن التسيير العام فيها
واضحا حسب أكثر من مراقب الأمر الذي بات من الضروري معه القيام بتدقيق في
الإدارة العمومية وبنفس الروح فرض إعلان للممتلكات على المسؤولين الجدد.
ذلك
أنه إذا كانت العملية الانتقالية حققت نجاحا أكيدا على الصعيد السياسي
فإنها شكلت فشلا كارثيا على صعيد التسيير العمومي: فالفريق الحكومي
المنصرف كما يقول أحدهم، يعتبر أن المرحلة الانتقالية تجعل كل واحد من هذا
الفريق خارج دائرة المساءلة بل إنها فترة من التسيب تسمح بكل شيء، وبعد
أيام على استقالة الحكومة اتفقت اللجان الوزارية المكلفة بالعملية
الانتقالية على تقييم الجهود الذي قامت به خلال الأشهر التسعة عشر
باعتباره إسهاما لا يقدر بثمن. وتم إنشاء لجنة مشتركة لتقييم المكافأة
والتقدير الواجب منحهما للوزراء واللجان الفنية التي ساهمت في إعداد ورشات
المرحلة الانتقالية. وبما أن التقدير الرمزي تم الحصول عليه، فإن المطروح
الآن هو المكافآت المادية لهؤلاء وأولئك وهي مكافآت حسب قانوني عضو في
إحدى لجان التقييم، ليست بحجم "العمل العظيم" الذي تم إنجازه فحسب، وإنما
أيضا لتعويض عن حرمان الوزراء من المشاركة في الوظائف الانتخابية وهذا ما
سيزيد من قيمة التعويض الممنوح لكل وزير.
وقد تم الحديث عن مبلغ 30
مليون أوقية لكل عضو في الحكومة الانتقالية، زيادة على التوشيحات
التقديرية. أما الأعضاء الآخرون في اللجان الفنية يقال إن المكافأة تتراوح
بيم 7 و10 ملايين أوقية وهو ما يعني أنه –بكل الحسابات- سيكون على الدولة
الموريتانية دفع مليار من الأوقية، وقد بدأ التفكير بالفعل في صياغة شهادة
براءة سيوقعها رئيس الجمهورية المنتخب وينتظر أن تبرئ ذمة كل الفريق
الحكومي الانتقالي، وعلى غرار محو ماضي معاوية من قبل قادة المرحلة
الانتقالية لدى وصولهم إلى السلطة سيتصرف الرئيس الجديد بالطريقة ذاتها مع
سلطات المرحلة الانتقالية. وهكذا سيستفيد –بدوره- من مبدإ "عفا الله عما
سلف" من قبل خليفته حين يغادر السلطة، ليكون هذا المبدأ تقليدا عند كل
تغيير في السلطة في بلادنا.
وإذا كان توديع الحكومة المدنية الانتقالية يكلف كل هذه الأموال فكم يكلف توديع أعضاء المجلس العسكري؟.
ودائما
في إطار صفقات اللحظة الأخيرة جاءت جملة من الإجراءات المتعلقة بتعيينات
واسعة في المجال الدبلوماسي لتثقل كاهل الدولة وتخلق مصدر ورطة حقيقي
لقطاع المالية الذي كان يفترض أن يشرك في هذا النوع من الاكتتاب.
هذه
اللوحة السوداء تنضاف لوضعية غير مريحة تعاني منها الموازنة العامة
للدولة.. نفقات ضخمة أحيانا لتغطية رحلات الرئيس وأحيانا لتسديد متأخرات
وهمية لرجال أعمال متواطئين مع موظفين جشعين، دون أن ننسى الخسارة التي
نجمت عن رداءة أداء شركة النفط الاسترالية "وود سايد" التي ظل إنتاجها أقل
بكثير من التوقعات الأصلية. كل هذا يعيد إلى الأذهان المقولة المأثورة:
"أنا ومن بعدي الطوفان" طوفان يهدد بجرف سادة البلاد الجدد إلى وضعية
اقتصادية واجتماعية يصعب تجاوزها.
رغم ذلك يراهن بعض المراقبين على
صرامة سيدي ولد الشيخ عبد الله ويثيرون عدم قبوله أية شهادة براءة يمكن أن
تضمن عدم عقاب المتورطين في سوء تسيير الممتلكات العامة لأنه بذلك في
رأيهم يعرض حكومته لتركة من المخاطر من جهة ويوجه ضربة قوية لسمعته الطيبة
من جهة أخرى.
ألا يجعلنا قادة المرحلة الانتقالية اليوم، نعيش تجسيدا حيا لمثلنا الشعبي المتداول بشكل واسع: "لتنهار البئر عندما يرتوي الحمار"؟
وإذا كان توديع الحكومة المدنية الانتقالية يكلف كل هذه الأموال فكم يكلف توديع أعضاء المجلس العسكري؟.
ودائما
في إطار صفقات اللحظة الأخيرة جاءت جملة من الإجراءات المتعلقة بتعيينات
واسعة في المجال الدبلوماسي لتثقل كاهل الدولة وتخلق مصدر ورطة حقيقي
لقطاع المالية الذي كان يفترض أن يشرك في هذا النوع من الاكتتاب.
هذه
اللوحة السوداء تنضاف لوضعية غير مريحة تعاني منها الموازنة العامة
للدولة.. نفقات ضخمة أحيانا لتغطية رحلات الرئيس وأحيانا لتسديد متأخرات
وهمية لرجال أعمال متواطئين مع موظفين جشعين، دون أن ننسى الخسارة التي
نجمت عن رداءة أداء شركة النفط الاسترالية "وود سايد" التي ظل إنتاجها أقل
بكثير من التوقعات الأصلية. كل هذا يعيد إلى الأذهان المقولة المأثورة:
"أنا ومن بعدي الطوفان"، طوفان يهدد بجرف سادة البلاد الجدد إلى وضعية
اقتصادية واجتماعية يصعب تجاوزها.
رغم ذلك يراهن بعض المراقبين على
صرامة سيدي ولد الشيخ عبد الله ويثيرون عدم قبوله أية شهادة براءة يمكن أن
تضمن عدم عقاب المتورطين في سوء تسيير الممتلكات العامة لأنه بذلك في
رأيهم يعرض حكومته لتركة من المخاطر من جهة ويوجه ضربة قوية لسمعته الطيبة
من جهة أخرى.
ألا يجعلنا قادة المرحلة الانتقالية اليوم، نعيش تجسيدا حيا لمثلنا الشعبي المتداول بشكل واسع: "لتنهار البئر عندما يرتوي الحمار"؟
احمد ولد المامون
صحفي بجريدة القلم