نواكشوط - المختار السالم:
إذا كان المجتمع الموريتاني ظل يشهد تباينا كبيرا بشأن تعدد الزوجات، فهو ليس كذلك بالنسبة لتعدد الهواتف. والميزة هذه المرة انسحاب هذا التعدد على النساء والرجال ويستوي في ذلك الفقير والغني. وأصبح من لا يملك ثلاثة هواتف فأكثر مع “الثابت” وكأن شيئا ينقصه، ولعل هذه الظاهرة تحتاج إلى أكثر من وقفة تأمل ليس حول التكاليف والمشاكل المنجرة عن تعدد الهواتف فحسب، بل أيضا حول الأسباب “النفسية” لهذه الظاهرة التي تزداد انتشارا بين الموريتانيين. ثلاث شركات للهاتف المحمول دخلت السوق الموريتانية، تتنافس لكسب ود المواطن الموريتاني والحصول على آخر أوقية في جيبه، متخذة في ذلك شتى الوسائل المتاحة، إلا أن تعامل الموريتاني مع هذا الواقع كان غريبا، ومفاجئا للمستثمرين، حيث عمد البعض إلى اقتناء هاتف من كل شركة، لتسهيل الاتصال به وهربا من التكلفة الباهظة التي يستهلكها الاتصال من إحدى الشركات إلى الأخرى.
ثلاثة هواتف من نوعيات مختلفة في الحجم والوزن يتسع لها جيب “الدراعة” الموريتانية العملاقة. فتبدو من الخارج منتفخة تكاد تنوء بعنق صاحبها.
ومن لا يملكون المال لشراء كل هذه الهواتف يلجأون إلى دمج أكثر من شريحة في الهاتف الواحد، في تقنية توفر بعض المال والجهد من حمل الهاتف.
الدراسات الأولى التي أنجزت عن جدوى تشغيل شبكة هاتف محمول في موريتانيا لم تتوقع غير بضعة آلاف من المشتركين، وبحسب ما زودنا به أحد المتابعين للميدان، توقعت الدراسة وصول عدد المشتركين إلى 8 آلاف مشترك.. أما اليوم فتجاوز عدد المشتركين 5.1 مليون شخص في مجتمع تعداده ثلاثة ملايين نسمة.
وقبل سبع سنوات حط أول مشغل “ماتال” على الأرض الموريتانية، وفي ظرف أسابيع ظلت طوابير الزبائن أمام مقرات الشركة في زحام شديد للحصول على اشتراك في الهاتف المحمول، تطلب من البعض استخدام الوساطة و”وسائل أخرى” “لإحراز السبق” بحيازة الهاتف السحري الجديد الذي سيحيل “هواتف الصحراء”، إلى الماضي.
وقبل أن تكمل “ماتال” شهرها الثالث، أطلق المشغل الثاني (موريتيل) شبكته، ورغم أن التوقعات لم تكن كبيرة، إلا أن كل أرقام التوقعات أحيلت إلى التقاعد في ظرف أيام حين تجاوز عدد المشتركين مئات الآلاف، وخلال سنوات ثلاث بلغ عدد المشتركين مليون مشترك، ليضاف “لقب مليوني” جديد إلى الموريتانيين بعد ملايينهم الشعرية والحزبية.
وبعد سبع سنوات انطلق المشغل الثالث (شنقيتيل)، ورغم أن آلاف المواطنين كانوا يملكون نقالين في وقت واحد، إلا أن ظن المشغل الجديد لم يخب عندما بلغ عدد المشتركين في اليوم الأول أكثر من 8 آلاف شخص مشترك، وسجل أكثر من 15 ألف دقيقة من المكالمات الهاتفية عبر شبكته في يوم واحد.