الرئيسية
البوابة*
التسجيل
دخول
الخميس سبتمبر 23, 2010 5:02 am من طرف 
مفهوم الجهاد محور نقاش حاد داخل الغرف الأمنية المغلقة
نواكشوط - محمد عبدالرحمن: تحولت
غرف التحقيق في قضية اغتيال أربعة من السياح الفرنسيين في موريتانيا الي
ميدان لحوار فكري ساخن حول مفهوم الجهاد بين رجال الأمن والمتهمين في
القضية.
فيما استمرت مخاوف الموريتانيين من تداعيات الهجومين اللذين
تبناهما تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وأجمعت الأوساط
الموريتانية بأطيافها المختلفة علي إدانتها واستنكارها.
وفيما كانت الحكومة الموريتانية تحاول إعادة تزويد رصيدها
المتناقص من ثقة الرأي العام الوطني انطلاقاً من نتائج مؤتمر المانحين
المنعقد في باريس مطلع ديسمبر الماضي حيث تقرر تقديم دعم مالي للسلطات
الموريتانية في حدود 19 مليار دولار قابلة للزيادة، بينما كان كبار
الشخصيات في الدولة يعبرون عن رضاهم فيما يتعلق بحصيلة ثمانية أشهر من عمل
الحكومة الجديدة معتبرين أن انجازات كبيرة قد تحققت بشأن حل مشكلة
اللاجئين الموريتانيين في السينغال ومالي، وأيضاً بالنسبة لمشكلة الرق
وآثاره الاقتصادية والاجتماعية التي ظلت هي الأخري أحد الاهتمامات الكبري
للنخبة السياسية الموريتانية، في هذه الأجواء جاءت عملية اغتيال أربعة
سياح فرنسيين يوم الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي قرب مدينة آلاق
الواقعة في وسط البلاد، وهي العملية التي أصابت الرأي العام الموريتاني
بالذهول، لتزداد الصدمة قوة وعمقاً مع استهداف ثكنة عسكرية موريتانية في
بلدة الغلاوية الواقعة شمال البلاد حيث قتل ثلاثة جنود موريتانيين، وذلك
بعد ثلاثة أيام من الحادثة الأولي.
في البدء قيل إن الحادث الأول مجرد جريمة سطو عادية، لكن اصابع
الاتهام سرعان ما بدأت تشير الي عناصر تنسب لإحدي الجماعات السلفية التي
تمت محاكمتها اواسط سنة 2007 بتهمة التدريب علي القتال والتحضير لأعمال
إرهابية، ولكن القضاء برأهم وأطلق سراحهم.
ولكن وقوع العملية الثانية ونوعيتها جعل تلك الشكوك والاتهامات
تصبح اكثر قوة خصوصاً بعدما تبني تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي
عملية الغلاوية واعتبرها جهادا زف بشراه الي الأمة الإسلامية .
كان القبض علي الإرهابيين المفترضين الذين تمكنوا من القرار
يمثل تحدياً كبيراً أمام السلطات الموريتانية يضاف الي ما لحق سمعة البلاد
من أضرار حيث تحدثت الأنباء عن تأثر العلاقات الفرنسية الموريتانية، هذا
فضلاً عما لحق القطاع السياحي الموريتاني من انعكاسات مباشرة تمثلت علي
وجه الخصوص في إلغاء عدد من الوكالات السياحية رحلات كانت مقررة الي
المناطق الأثرية في ولاية آدرار الواقعة شمال البلاد، وكذلك قرار المشرفين
علي تظاهرة سباق برشلونة داكار، القاضي بإلغاء دورة هذا العام من السباق
باعتبار ان ثماني مراحل منه تمر بالأراضي الموريتانية.
ويري بعض المراقبين هنا ان المسلحين قد استهدفوا القطاع
السياحي في العمليتين كما استهدفوا من خلال ذلك التأثير علي سمعة البلاد
وعلي مصداقية الحكومة الحالية التي بدأت تحرزها بعد نجاح الانتخابات
الأخيرة.
ويشير هؤلاء الي أن استهداف ثكنة الغلاوية إنما هو نتيجة كونها
إحدي نقاط العبور الأساسية بالنسبة للقوافل السياحية، كما أن اختيار مدينة
ألاق التي قتل بقربها السياح الفرنسيون قد تم بعناية، بوصفها مسقط رأس
الرئيس الموريتاني الحالي.
غير ان العديد من وكالات السياحة الفرنسية التي تنشط في
موريتانيا رفضت إيقاف رحلاتها السياحية المتجهة الي موريتانيا مخالفة بذلك
نصائح الخارجية الفرنسية التي نصحت الرعايا الفرنسيين بتجنب زيارة
موريتانيا، واعتبرت تلك الوكالات ان الخطر الأمني حول موريتانيا مبالغ فيه
وأن آدرار الذي يشكل وجهة السياح وهو منطقة السياحة الرئيسية شمال
موريتانيا يعد منطقة هادئة لا تعاني أية قلاقل أمنية ولا تلاحظ فيها أية
تحركات غير طبيعية وأن السلطات الموريتانية تقوم بحفظ الأمن كما يجب في
حين يتوفر مناخ الأمن والظروف الملائمة له .
وبعد ما يزيد علي اسبوعين من الترصد والمطاردة التي نسقتها
المخابرات الفرنسية بمشاركة أجهزة الأمن في كل من موريتانيا والسينغال
وغامبيا وغينيا بيساو تسلمت السلطات الموريتانية اثنين من المتهمين تم
إلقاء القبض عليهما في غينيا بيساو فيما يبقي الثالث طليقاً حتي الآن.
وقد عبرت السلطات في موريتانيا عن ارتياحها للقبض علي المشتبه
فيهما متعهدة بتوفير كل الضمانات التي يكفلها لهما القانون من اجل محاكمة
عادلة.
واليوم ومع اقتراب بدء محاكمة المتورطين المفترضين ودخول
التحقيق معهم مراحله الأخيرة يتابع الموريتانيون باهتمام بالغ تطورات
عملية اغتيال الفرنسيين الأربعة ومجريات التحقيق فيها وفي هذا الاطار نقلت
صحيفة الأخبار الموريتانية عن مصدر أمني مقرب من التحقيق في القضية أن
المتهم سيدي ولد شبرنو دخل في الليالي الأخيرة من الاستجواب في حوارات
دينية حادة مع المحققين في إدارة الأمن الموريتانية محاولا إقناعهم
بقناعاته الفكرية. وذلك علي خلفية أسئلة موجهة له حول عمليات تتهمه ادارة
الأمن بالضلوع فيها ضد الجيش الجزائري.
ومن بين ما نقله المصدر ان المحققين حاولوا اقناع المتهم ولد
شبرنو ان الجهاد بالمفهوم الشرعي - وفي حال اعتبار ما يقوم به جهادا وهو
ليس كذلك من وجهة نظرهم - يسبقهجهاد النفس.. وأن الشخص الذي لا يمكن أن
يتغلب علي الرغبة في التدخين لا يمكنه ولا يجوز له قانونا ان يبيح لنفسه
الخروج علي النظام وتأسيس حركة تتولي أمور الناس وتذبح من يخالفها.
كما اضاف نفس المصدر أن ولد شبرنو تحدث عن عملية ألاق موضحاً
أن خطتهم كانت تهدف الي اختطاف السواح لا قتلهم.. ليتم تسليمهم للجماعة
السلفية الجزائرية.
وأفاد المصدر ان الشابين في حالة جيدة وأن التحقيق معهما يتم
بشكل أمني يحترم القواعد، بعيداً عما كان يتهم به عناصر الأمن من ممارسة
للتعذيب أثناء التحقيق، لكن النقاش لم يخل من بعض الحدة التي تطغي علي
الموقف وخاصة أن الحديث دار حول مفهوم الاستتابة قبل تنفيذ حكم الإعدام في
الشريعة الإسلامية ومعاملة الكفار في أرض المسلمين واحترام القانون من
وجهة نظر الشريعة، فضلاً عن أسئلة أخري تطرح عادة ضمن استجواب من يتم
اتهامهم في مثل هذه الحالات، بالاضافة الي بعض القضايا الدينية الشائكة،
وليست مخافر التحقيق الأمنية هي المكان الأفضل لنقاشها نظراً لاختصاص
العاملين بها في المجالات الأمنية.
وأياً كانت النتائج التي ستسفر عنها التحقيقات والمحاكمات فإن
العمليتين الأخيرتين قد اعتبرتا علي نطاق واسع عملاً غير مفهوم وغير
مقبول، حيث أجمعت القوي السياسية بمختلف أطيافها الموالية للسلطة
والمعارضة لها علي رفض مثل هذه الأعمال والتنديد به، وهو ذات الموقف الذي
تبناه العلماء والأئمة والخطباء وكل القيادات الروحية والفكرية بمختلف
مشاربها، فيما عمدت سلطات الأمن الي اتخاذ مزيد من الاجراءات الاحترازية
من اجل حماية المرافق العامة وكذا السياح والمواطنين العاديين.
لكن السؤال الذي يبقي مطروحاً بإلحاح لدي الموريتانيين هو: هل
ستكون عمليتا ألاق والغلاوية فاتحة عهد جديد من العنف والقتل والتدمير؟ أم
أنهما مجرد حادثين عابرين ومعزولين؟ هذا ما ينتظر ان تكشف عنه الأيام
والشهور المقبلة.
نواكشوط - محمد عبدالرحمن: تحولت
غرف التحقيق في قضية اغتيال أربعة من السياح الفرنسيين في موريتانيا الي
ميدان لحوار فكري ساخن حول مفهوم الجهاد بين رجال الأمن والمتهمين في
القضية.
فيما استمرت مخاوف الموريتانيين من تداعيات الهجومين اللذين
تبناهما تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وأجمعت الأوساط
الموريتانية بأطيافها المختلفة علي إدانتها واستنكارها.
وفيما كانت الحكومة الموريتانية تحاول إعادة تزويد رصيدها
المتناقص من ثقة الرأي العام الوطني انطلاقاً من نتائج مؤتمر المانحين
المنعقد في باريس مطلع ديسمبر الماضي حيث تقرر تقديم دعم مالي للسلطات
الموريتانية في حدود 19 مليار دولار قابلة للزيادة، بينما كان كبار
الشخصيات في الدولة يعبرون عن رضاهم فيما يتعلق بحصيلة ثمانية أشهر من عمل
الحكومة الجديدة معتبرين أن انجازات كبيرة قد تحققت بشأن حل مشكلة
اللاجئين الموريتانيين في السينغال ومالي، وأيضاً بالنسبة لمشكلة الرق
وآثاره الاقتصادية والاجتماعية التي ظلت هي الأخري أحد الاهتمامات الكبري
للنخبة السياسية الموريتانية، في هذه الأجواء جاءت عملية اغتيال أربعة
سياح فرنسيين يوم الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي قرب مدينة آلاق
الواقعة في وسط البلاد، وهي العملية التي أصابت الرأي العام الموريتاني
بالذهول، لتزداد الصدمة قوة وعمقاً مع استهداف ثكنة عسكرية موريتانية في
بلدة الغلاوية الواقعة شمال البلاد حيث قتل ثلاثة جنود موريتانيين، وذلك
بعد ثلاثة أيام من الحادثة الأولي.
في البدء قيل إن الحادث الأول مجرد جريمة سطو عادية، لكن اصابع
الاتهام سرعان ما بدأت تشير الي عناصر تنسب لإحدي الجماعات السلفية التي
تمت محاكمتها اواسط سنة 2007 بتهمة التدريب علي القتال والتحضير لأعمال
إرهابية، ولكن القضاء برأهم وأطلق سراحهم.
ولكن وقوع العملية الثانية ونوعيتها جعل تلك الشكوك والاتهامات
تصبح اكثر قوة خصوصاً بعدما تبني تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي
عملية الغلاوية واعتبرها جهادا زف بشراه الي الأمة الإسلامية .
كان القبض علي الإرهابيين المفترضين الذين تمكنوا من القرار
يمثل تحدياً كبيراً أمام السلطات الموريتانية يضاف الي ما لحق سمعة البلاد
من أضرار حيث تحدثت الأنباء عن تأثر العلاقات الفرنسية الموريتانية، هذا
فضلاً عما لحق القطاع السياحي الموريتاني من انعكاسات مباشرة تمثلت علي
وجه الخصوص في إلغاء عدد من الوكالات السياحية رحلات كانت مقررة الي
المناطق الأثرية في ولاية آدرار الواقعة شمال البلاد، وكذلك قرار المشرفين
علي تظاهرة سباق برشلونة داكار، القاضي بإلغاء دورة هذا العام من السباق
باعتبار ان ثماني مراحل منه تمر بالأراضي الموريتانية.
ويري بعض المراقبين هنا ان المسلحين قد استهدفوا القطاع
السياحي في العمليتين كما استهدفوا من خلال ذلك التأثير علي سمعة البلاد
وعلي مصداقية الحكومة الحالية التي بدأت تحرزها بعد نجاح الانتخابات
الأخيرة.
ويشير هؤلاء الي أن استهداف ثكنة الغلاوية إنما هو نتيجة كونها
إحدي نقاط العبور الأساسية بالنسبة للقوافل السياحية، كما أن اختيار مدينة
ألاق التي قتل بقربها السياح الفرنسيون قد تم بعناية، بوصفها مسقط رأس
الرئيس الموريتاني الحالي.
غير ان العديد من وكالات السياحة الفرنسية التي تنشط في
موريتانيا رفضت إيقاف رحلاتها السياحية المتجهة الي موريتانيا مخالفة بذلك
نصائح الخارجية الفرنسية التي نصحت الرعايا الفرنسيين بتجنب زيارة
موريتانيا، واعتبرت تلك الوكالات ان الخطر الأمني حول موريتانيا مبالغ فيه
وأن آدرار الذي يشكل وجهة السياح وهو منطقة السياحة الرئيسية شمال
موريتانيا يعد منطقة هادئة لا تعاني أية قلاقل أمنية ولا تلاحظ فيها أية
تحركات غير طبيعية وأن السلطات الموريتانية تقوم بحفظ الأمن كما يجب في
حين يتوفر مناخ الأمن والظروف الملائمة له .
وبعد ما يزيد علي اسبوعين من الترصد والمطاردة التي نسقتها
المخابرات الفرنسية بمشاركة أجهزة الأمن في كل من موريتانيا والسينغال
وغامبيا وغينيا بيساو تسلمت السلطات الموريتانية اثنين من المتهمين تم
إلقاء القبض عليهما في غينيا بيساو فيما يبقي الثالث طليقاً حتي الآن.
وقد عبرت السلطات في موريتانيا عن ارتياحها للقبض علي المشتبه
فيهما متعهدة بتوفير كل الضمانات التي يكفلها لهما القانون من اجل محاكمة
عادلة.
واليوم ومع اقتراب بدء محاكمة المتورطين المفترضين ودخول
التحقيق معهم مراحله الأخيرة يتابع الموريتانيون باهتمام بالغ تطورات
عملية اغتيال الفرنسيين الأربعة ومجريات التحقيق فيها وفي هذا الاطار نقلت
صحيفة الأخبار الموريتانية عن مصدر أمني مقرب من التحقيق في القضية أن
المتهم سيدي ولد شبرنو دخل في الليالي الأخيرة من الاستجواب في حوارات
دينية حادة مع المحققين في إدارة الأمن الموريتانية محاولا إقناعهم
بقناعاته الفكرية. وذلك علي خلفية أسئلة موجهة له حول عمليات تتهمه ادارة
الأمن بالضلوع فيها ضد الجيش الجزائري.
ومن بين ما نقله المصدر ان المحققين حاولوا اقناع المتهم ولد
شبرنو ان الجهاد بالمفهوم الشرعي - وفي حال اعتبار ما يقوم به جهادا وهو
ليس كذلك من وجهة نظرهم - يسبقهجهاد النفس.. وأن الشخص الذي لا يمكن أن
يتغلب علي الرغبة في التدخين لا يمكنه ولا يجوز له قانونا ان يبيح لنفسه
الخروج علي النظام وتأسيس حركة تتولي أمور الناس وتذبح من يخالفها.
كما اضاف نفس المصدر أن ولد شبرنو تحدث عن عملية ألاق موضحاً
أن خطتهم كانت تهدف الي اختطاف السواح لا قتلهم.. ليتم تسليمهم للجماعة
السلفية الجزائرية.
وأفاد المصدر ان الشابين في حالة جيدة وأن التحقيق معهما يتم
بشكل أمني يحترم القواعد، بعيداً عما كان يتهم به عناصر الأمن من ممارسة
للتعذيب أثناء التحقيق، لكن النقاش لم يخل من بعض الحدة التي تطغي علي
الموقف وخاصة أن الحديث دار حول مفهوم الاستتابة قبل تنفيذ حكم الإعدام في
الشريعة الإسلامية ومعاملة الكفار في أرض المسلمين واحترام القانون من
وجهة نظر الشريعة، فضلاً عن أسئلة أخري تطرح عادة ضمن استجواب من يتم
اتهامهم في مثل هذه الحالات، بالاضافة الي بعض القضايا الدينية الشائكة،
وليست مخافر التحقيق الأمنية هي المكان الأفضل لنقاشها نظراً لاختصاص
العاملين بها في المجالات الأمنية.
وأياً كانت النتائج التي ستسفر عنها التحقيقات والمحاكمات فإن
العمليتين الأخيرتين قد اعتبرتا علي نطاق واسع عملاً غير مفهوم وغير
مقبول، حيث أجمعت القوي السياسية بمختلف أطيافها الموالية للسلطة
والمعارضة لها علي رفض مثل هذه الأعمال والتنديد به، وهو ذات الموقف الذي
تبناه العلماء والأئمة والخطباء وكل القيادات الروحية والفكرية بمختلف
مشاربها، فيما عمدت سلطات الأمن الي اتخاذ مزيد من الاجراءات الاحترازية
من اجل حماية المرافق العامة وكذا السياح والمواطنين العاديين.
لكن السؤال الذي يبقي مطروحاً بإلحاح لدي الموريتانيين هو: هل
ستكون عمليتا ألاق والغلاوية فاتحة عهد جديد من العنف والقتل والتدمير؟ أم
أنهما مجرد حادثين عابرين ومعزولين؟ هذا ما ينتظر ان تكشف عنه الأيام
والشهور المقبلة.
